السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
إن تبادل العلوم و الثقافات و المعرفة و الخبرات تؤدى قطعا إلى الرقى و التقدم , و من ثم تهتم الكثير من الدول بإيفاد البعثات إلى الخارج ...........

و لكن عندما تهتم أمريكا و إسرائيل بإنشاء جمعيات فى البلدان العربية ( المسلمة ) و إمدادها بالأموال و المساهمة الفاعلة فى تدريب بعض أبناءها على ممارسة الديمقراطية فى بلدانهم ( العربية المسلمة ) فإن هذا لا يعد من الوسائل المشروعة فى عملية تبادل الخبرات و نشر الثقافات , إذ أن تاريخ أمريكا و إسرائيل فى منطقتنا ملطخ تماما ولا يمكن بأى حال من الأحوال تسمية ممارستهما فى بلداننا بالممارسات الديمقراطية !!

من المعروف أن إسرائيل تعتبرا بلدا ديمقراطيا بالنسبة لممارسات حكامها و متخذى القرار فيها مع الشعب الإسرائيلى و كذلك الحال بالنسبة إلى أمريكا و من ثم فقد يقول قائل نحن نأخذ منهم فقط القواعد و الأسس الصحيحة للديمقراطية و ننبذ ما دون ذلك !!

الرد على ذلك ببساطة شديدة أننا قد نقبل هذا القول عندما يكون ذلك بدعم و تأييد و إشراف من الدولة , أما عندما يكون ذلك بدون إشراف من الدولة و برعاية و إنفاق كاملين من أمريكا و إسرائيل فلابد و أن تلك التدريبات تصب فى مصلحتهما و التأسيس لسياساتهما فى المنطقة و من ثم ينفقون عليها و يبذلون الجهد و يسخرون الإمكانيات لدعم ذلك بعيدا عن ثمة رقابة أو إشراف من الدولة !! فمن غير المعقول أن ينفق اليهود و الأمريكان أموالهما ببلاهة و سذاجة و إصرار لكى ينشر هؤلاء المتدربون أفكارا تناهض سياساتهما فى المنطقة !!

و قد يقول آخر بأننا نسمع مطالبات تنادى بقطع العلاقات مع إسرائيل فكيف ينادى بذلك من تقول عليه بأنه يعمل على الترويج لسياسات أمريكا و إسرائيل فى المنطقة ؟!
و الإجابة أنه لم يقول أحد بأن المطالب بهذا متدرب فى الخارج فضلا على آية كريمة من لدن الحكيم الخبير ( و من الناس من يعجبك قوله فى الحياة الدنيا و يشهد الله على ما فى قلبه و هو ألد الخصام ) كم من آمر بالمعروف ناس لنفسه و كم من قائل بما لا يفعل !!

إن سياسات أمريكا و إسرائيل فى منطقتنا تعكس تماما ما يتم تلقينه لهؤلاء المتدربين و البائع لا يروج إلا لبضاعته و الإناء لا ينضح إلا بما فيه !! و من العبث أن نقتنع أن أمريكا و إسرائيل ينفقون أموالهما لكى يروج المتدربون أفكارا تناهض سياساتهما فى بلداننا !!

و لكى تتضح الرؤية و يستقيم الطريق علينا أن نفكر فى ما ينقل إلينا و يروج له و ننظر إليه بروية نظرة المدقق و المحلل الغيور على أهله ووطنه ..

الدستور أولا
عبارة يرددها قطاع من الشعب مطالبا بها و مصرا عليها و لم يتفضل أحدهم بشرح آلية التنفيذ و من ثم فلنفكر معا علنا نفهم هذا المطلب و نعرف مغزاه و سبب هذا الإصرار العجيب عليه ..
س – نفترض أننا سنوافق على هذا المطلب ( الدستور أولا ) فمن يا ترى من سيضع بنوده ؟
ج – أحسب مثلا أن الإجابة ستكون رجالات و خبراء أكفاء أولى علم فى هذا المجال
س- من سيختار هؤلاء الخبراء ؟
ج – أظن أن الإجابة ستكون واحدة من ثلاث , إما المجلس العسكرى أو عصام شرف أو الشعب
و هنا لابد أن تكون لنا وقفة مع الإجابة ولا ينبغى تمريرها علينا على هذا النحو
اذا كانت الإجابة بأن المجلس العسكرى أو عصام شرف هو من سيختار هؤلاء الخبراء فهذا نوع من العبث بالعقول فلم يسبق أن اختار أيهما اختيارا إلا و تم رفضه من المنادين بـ ( الدستور أولا ) كما و أن قطاع من هؤلاء يطالب أصلا بإسقاط المجلس العسكرى و حكومة شرف
و إذا كان هؤلاء يطالبون أصلا طلبا يخالف إرادة الأغلبية التى صوتت بنعم على التعديلات الدستورية بنسبة كبيرة جدا ( 77.2% ) فكيف سيقبلون بإختيارات المجلس العسكرى أو عصام شرف ؟!
و إذا كانت الإجابة بأن الشعب هو من سيختار هؤلاء الخبراء فسيكون علينا و نحن نفكر معا فى هذه الإجابة أن ننسى مؤقتا أن هذا مطلبا يخالف ما اختاره أغلبية الشعب و نتصور أنه ينبغى مثلا على 200 أو 150 من الخبراء أن يرشحوا أنفسهم للمشاركة فى مجموعة إعداد الدستور الجديد و يخرج كل منهم على وسائل الإعلام ليسوق لنفسه و ليوضح مؤهلاته و خبراته للشعب ثم تجرى انتخابات بين هؤلاء و يجد المواطن نفسه أمام ورقة تحتوى مثلا على 200 اسم و مطلوب منه أن يضع 100 علامة صح قرين من سيختار ليتم فى النهاية اختيار 100 خبير من هؤلاء المرشحين, فهل هذا فعلا ما يريده أصحاب مطلب الدستور أولا ؟! .. هل هذا هو طريق البناء و الاستقرار فعلا ؟!
أليس من الأفضل و الأنسب أن نختار أعضاء مجلس الشعب أولا ثم يختار هؤلاء ال 100 من بينهم و بعدها يختارون هم من الخبراء من يستعينون به لوضع دستور جديد ؟!!

إذن من يدعو للدستور أولا عليه الا يطلق دعوات و يعتصم و يتظاهر من أجلها و يكدر الحياة العامة إلا و هى مدعومة بآلية للتنفيذ و بجدول زمنى مع عدم التباطؤ و التلكؤ مثلما يطالب هو الحكومة و المجلس العسكرى بوضع آليات و جدول زمنى و بالإسراع فى التنفيذ أم أنه يطالب بما لا يفعل ؟!! .. ثم عليه ألا ينسى وهو يشرح آليات تنفيذ ما يدعو إليه و جدولها الزمنى أنه يخرج على إرادة الشعب و يتجاهل تماما 77.2% اختاروا طريقا ليس فيه ( الدستور أولا ) !!

الآن و بعد هذا التحليل و الاجتهاد الشخصى لابد من تساؤلات .. ماذا يهدف الداعون لـ ( الدستور أولا ) و هم يخرجون بكل تبجح و إصرار على إرادة 77.2% ممن صوت فى الإستفتاء على التعديلات الدستورية ؟!
و هل الاستقرار و الأمن يكون بالخروج على إرادة الأغلبية ؟!
لماذا لم يشرح لنا أحدهم كيف سيتم ( الدستور أولا ) و من سيختار مؤسسيه ؟!
هل زيادة فترة المرحلة الانتقالية من خلال المطالبات المطاطة غير المعلوم آلياتها و غير المعلن كيفية تحقيقها هى هدفا استراتيجيا حتى يتاح الوقت الكاف لقوى خارجية لإعداد و تثبيت رجالتها فى سدة الحكم و وسط متخذى القرار و صانعوه فى بلادنا ؟

مجلس رئاسى مدنى
عبارة يرددها قطاع من الشعب و يطالب بها و لم يشرح لنا المطالبين بها من هم أعضاء المجلس الرئاسى المدنى و من سيختارهم !!
هيا بنا نتفق أن هؤلاء المطالبون بذلك سيرفضون ان يختار المجلس العسكرى أو عصام شرف هذا الإختيار على نفس نهج تحليلنا السابق و من ثم يتبقى اختيار الشعب لأعضاء المجلس الرئاسى المدنى عن طريق الانتخاب ..

و معلوم أن عدد المرشحين لرئاسة الجمهورية حتى الآن تجاوز عددهم حتى الآن 20 مرشحا و بالتالى على الشعب مثلا أن يختار 5 أو 7 أو أى عدد من بين عدد من المرشحين ليكونوا مجلسا رئاسيا مدنيا و من المنطقى جدا أن يختار الشعب رئيسا واحدا بدلا من أن يختار عدة رؤساء فلماذا لا يختار الشعب رئيسا واحدا و يختار عدة رؤساء ؟
و لماذا لا يهب الشعب صلاحيات الرئيس لرجل واحد بدلا من أن يهبها لعدة رؤساء يرى أحدهم أن نمد اسرائيل بالغاز و يرى الآخر أن نمنعه عنها فيلجا المجلس للتصويت لاختيار القرار المتفق عليه و هكذا يفعلون كلما هم أحدهم بإتخاذ قرار ثم لا مانع ابدا أن يتقدم أحدهم بإستقالته لعدم توافقه مع بقية الرؤساء و يكون على الشعب انتخاب بديل له أو ينفرد المجلس بالقرار و يختار هو رئيسا ليحل محل المستقيل !!!
ترى كم يستغرق الهدم و كم يستغرق البناء ؟
ترى هل مطلب ( مجلس رئاسى مدنى ) يؤدى الى الاستقرار فعلا و شيوع الأمن فى البلاد ؟
و لماذا لم يشرح المطالبون بهذا آلية تنفيذ مطلبهم و كيفية تحقيقه ووضعوا له جدولا زمنيا ؟
هل زيادة فترة المرحلة الانتقالية من خلال المطالبات المطاطة غير المعلوم آلياتها و غير المعلن كيفية تحقيقها هى هدفا استراتيجيا حتى يتاح الوقت الكاف لقوى خارجية لإعداد و تثبيت رجالتها فى سدة الحكم و وسط متخذى القرار و صانعوه فى بلادنا ؟

المبادئ فوق الدستورية
- لماذا نفترض فى أنفسنا المثالية و العصمة و نحكم على أجيال بعدنا أن تثور و تموت إذا شاءت تغيير تلك المبادئ فوق الدستورية ؟
- لماذا لا نضع نحن دستورنا و نترك لمن بعدنا حق تقرير مصيرهم و اختيار ما يناسبهم و يتلائم مع عصرهم ؟
- لماذ لا نكتب نحن ما نرتضى فى دستورنا و يكون ذلك دستورا نتوافق عليه جميعا بدلا من فرض مبادئ فوق دستورية على من سيأتى من بعدنا ؟
- هل من الديمقراطية و الحرية ان نضع قيودا نراها نحن مثالية على كل الأجيال القادمة و نتبجح فى القول و نقول اننا نريدها مبادئ ثابتة الى يوم القيامة ؟ و إذا لم نقل بذلك فما الداعى لها مادامت ستكون قابلة للتغيير ؟
- ألن يأتى من بعدنا من يطعن فينا مثلما يطعن البعض فى البخارى و مسلم أم أننا لا ننتمى للبشر ؟
- لا يرتضى البعض بشرع خالق الكون و يريدون فى الوقت نفسه فرض شرع بشرى يحكم الأجيال و الأجيال من بعدهم بلا تغيير ولا تبديل ؟
- لماذ لم يخبرنا أحدهم من سيضع تلك المبادئ و من سيختار واضعيها و الجدول الزمنى لذلك ؟

هل زيادة فترة المرحلة الانتقالية من خلال المطالبات المطاطة غير المعلوم آلياتها و غير المعلن كيفية تحقيقها هى هدفا استراتيجيا حتى يتاح الوقت الكاف لقوى خارجية لإعداد و تثبيت رجالتها فى سدة الحكم و وسط متخذى القرار و صانعوه فى بلادنا ؟

هل أنت مقتنع أن إسرائيل و أمريكا و صربيا يلقنون ابناءنا دروسا فى حقوق الإنسان و الديمقراطية فعلا ؟ أم تراك ما نسيت ما حدث فى صابرا و شاتيلا و غزة و أفغانستان و الصومال و السودان و العراق و البوسنة و الهرسك ؟