"وسائل الإعلام وقعت في مشكلة أخلاقية تتجاوز بكثير المشكلة التي وقع فيها النائب السلفي ".. بتلك الجملة بدأ . د محرز حسين غالي ،أستاذ بقسم الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة ، تعليقه على تناول الإعلام لحادث النائب السلفي علي ونيس بتهمة الفعل الفاضح ، وما تم نشره من بيانات تفصيلية عن الفتاة وقريتها واسمها بالكامل وكليتها وفرقتها..
مبديا استيائه من كيفية التغطية الاعلامية للحدث خاصة وأنه ما زال في إطار التحقيقات ولم يتم إثبات التهمة بشكل قاطع.
وأشار إلى أن القيمة الأساسية التي تحرك الإعلام هي التضخيم وأنه لا بد من تجاوزها كما حدث في معظم دول العالم ، لافتا أن وسائل الإعلام استخدمت الحدث لتشويه التيار الإسلامي وتشويه الفتاة بنشر اسمها وقريتها مما يعتبر كارثة أخلاقية وبما يتعارض مع ميثاق الشرف الصحفي الذي يمنع هذا التصرف .
واعتبر د. محرز أن وسائل الإعلام مدانة في تلك التغطية وأن الحدث كان به شبهة توظيف سياسي ، وأنه حتى لو كانت الفتاة قد ارتكبت ذلك الفعل وأصبحت متهمة فإن عليها أن تقاضي وسائل الإعلام التي شهرت بها أثناء التحقيق ، موضحا أنه ليس من الأخلاق والعرف والدين أن يتم التشهير بها على هذا النحو، خاصة وأنه كمتلقي للأخبار يوجد لديه حالة من انعدام الثقة في جهاز الشرطة الذي اعتاد تلفيق التهم ، وبناء عليه عندما يسمع حادثا مثل ذلك يتحفظ عليه كقاريء عادي ، وكان من الأجدر على على وسائل الإعلام أن تتحفظ بدورها.
وتساءل د. محرز لماذا يتم التوسع بنشر تلك النوعية من الأخبار وفي المقابل لا يتم التشهير برجال الدولة والسياسيين عندما يخطئون أخطاء جسيمة بحق الدولة والشعب.
ميثاق الشرف غير مفعل
وأضاف د. أشرف صالح ،أستاذ بقسم الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة ، أنه من المعروف عن أخلاقيات الصحافة على مستوى العالم منع ذكر اسم المتهم أو التلميح عنه في أي قضية طالما كانت قيد التحقيق ولم يتم إثبات أن هذا الشخص متهم .
وقال صالح بأن الحكمة في ذلك أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته ، وعندما يتم تنشر بياناته فإننا نسيء له بين أسرته وجيرانه حتى بعد حصوله على البراءة فهي غير كافية لمحو الإساءة التي حدثت بسبب التشهير ، وأن الطريقة الأفضل في التعامل الإعلامي مع ذلك النوع من الحوادث ، أن يتم نشر الخبر ولكن بدون أسماء ، فكان من الأفضل أن يتم النشر على أنه تم القبض على نائب بدون الإشارة لحزبه أو اسمه أو التيار الديني الذي ينتمي إليه خاصة وأنه يتمتع بالحصانة .
وتساءل مستنكرا: كيف يستطيع النائب مواجهة الناس بعد حصوله على البراءة ؟! في إشارة إلى أن وضع النائب يماثل وضع الفتاة في التشوية والتشهير والإساءة، مرجعا سبب الهجوم على النائب لحالة الفوضى الإعلامية بالإضافة لانتماء النائب لتيار إسلامي الكثيرون يحاربونه .
وأضاف صالح أن الإعلام بمصر يحتاج للتطبيق الفعلي لميثاق الشرف الذي يتم تدرسيه للطلبة على المستوى النظرى ولكنه للأسف على الساحة الإعلامية غير مطبق ، مطالبا بضرورة تفعيله شرف وماقبة الصحفي الذي يخالفه.
لا يجوز قانونا
وفي السياق نفسه استنكر د. عاطف سالم ،أستاذ القانون بكلية الحقوق جامعة عين شمس، تشهير وسائل الإعلام ، وأوضح أنه لا يجوز قانونا ، منبها إلى عدم وجود الطريقة الفعالة في مصر لمعاقبة وسائل الإعلام على ذلك التشهير ، وأن المتهم لا يملك إلا رفع قضية على الضابط الذي قام بتحرير المحضر وبناء عليه حدث التشهير، خاصة وأنه لا يوجد تعويض عن أعمال الهيئات القضائية بحجة أن رجال القضاء لا يخطئون، موضحا أن حبس وكيل النيابة للفتاة في تلك القضية لمدة أربعة أيام يعد مخالفة لأوامر النائب العام في ذلك النوع من الحوادث . وأنه يجب أن يتم أخذ حق البنت من وسائل الإعلام في حالة برائتها بنشر البراءة بنفس المساحة الزمنية ، لأن الفضيحة التي طالتها ممكن أن تدمر حياتها ومستقبلها.
وأضاف سالم أنه يتوقع أن تكون القضية ملفقة لسببين، أولهما هو التاريخ الأسود للشرطة وأفعالها في الماضي من تشويه وقتل للمحبوسين والمتهمين ، والسبب الثاني حبس الفتاة أربعة أيام بالمخالفة لأوامر النائب العام ، خاصة وأن طريق كورنيش النيل " اشتكى من الأفعال الفاضحة التي تحدث به " ولا يتعرض لهم أحد .
وأوضح أحمد نصار ،المحامي ورئيس مركز نصار الحقوقي ، أن المتهم برىء حتى تثبت إدانته حتى وإن كان محبوسا إحتياطيا، ولا يجوز النشر والتشهير به أو بالفتاه المتهمة.
وأضاف أن ما حدث اعتبره بعيدا عن القانون ووسيلة للانتقام من التيار السلفى فى شخص النائب ، من خلال التشهير به على صفحات الجرائد ، وأنه يجوز للنائب فى حالة حصوله على البراءه رفع دعاوي تعويض على الجرائد والفضائيات التى نشرت الخبر وأساءت اليه بدون وجود حكم جنائى بات.
بينما أوضح محمد الحمبولي ،المحامي ومدير مركز الحريات والحصانات لحقوق الإنسان وتنمية المجتمع ، أنه لا يوجد أي مخالفة قانونية في نشر الخبر ، لأنه تم النشر بناء على محضر وتم ذكر رقم المحضر والمكان الذي تم به المحضر ، وطالما تم ذكرهما فذلك يؤكد أنه تم العرض على النيابة ومن هنا لم يصبح محضرا خاصا.
وعن مقولة أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته ،أوضح الحمبولي أن ذلك يعتبر في حالة الشخص العادي أما الشخصية العامة ، فيجب محاسبته لأنه أصبح يمثل أفراد الشعب وبالتالى انتهت خصوصيته.
وعن إمكانية رفع دعوى سب وقذف وتشهير ضد وسائل الإعلام لما نشرته من أخبار ،أوضح الحمبولي أن وسائل الإعلام لم تنشر الحادث بمعلومات هلامية ولكنها بمعلومات وبيانات بناء على محضر تم عرضه على النيابة.