بردعة الدولة و صبحنتها
نعيش الآن فى لحظات تحتاج إلى وعى و إدراك حتى يمكن فهم الرسالة الإعلامية ، و يتطلب هذا بالطبع حيادا فى الرؤية و إعمالا للعقل و محاولات حثيثة للتمعن فى الأمور من مختلف الزوايا و قبل ذلك كله الاجتهاد فى التضرع لله عز و جل أن يهدينا للحق و أن يرينا الحق حقا و يرزقنا اتباعه و أن يرينا الباطل باطلا و يرزقنا اجتنابه .
و مما لا شك فيه أن للكلمة مفعولا و اقرأ إن شئت قوله تعالى :
( و من الناس من يعجبك قوله فى الحياة الدنيا و يشهد الله على ما فى قلبه و هو ألد الخصام )
و قوله تعالى :
( و كذلك جعلنا لكل نبى عدوا شياطين الإنس و الجن يوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا )
و قوله تعالى :
و لا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه و إنه لفسق و إن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم و إن أطعتموهم إنكم لمشركون )
و الآن هى دعوة إلى تأمل المشهد التالى و النظر فيه بعمق :
مفهوم جدا أن تتحالف الأحزاب الإسلامية سواء فى بلدنا أو فى أى بلد آخر من منطلق الأسس و القواعد و الأفكار المشتركة التى تربطهم جميعا و لكن من غير المفهوم أن يتحالف اليسار مع اليمين فلكل أفكاره و أيدولوجيته و منهجه المختلف تماما عن الآخر و من غير الفهوم مطلقا أن يتحالف كلاهما أو أى منهما مع أية قوى اشتراكية لذات الأسباب و من المدهش و المثير للريبة أن تتحالف القوى اليسارية و اليمينية و الإشتراكية إذ لا توجد أرضية مشتركة بينهم مطلقا ولا يجمع أى منها بالأخريين ثمة أفكار أو رؤى أو برنامج ولا يمكنك أن تجد بينهم أى توحد إلا كراهية الفكر الإسلامى فما هى القوة التى مكنت ذلك الشتات من التوحد و كيف سيمررون للناس هذا العبث الذى لا تعرف له البشرية مثيلا إلا فى بلدنا المبتلى .
إذن الهدف الوحيد الذى يمكن لهذا الشتات التوحد حوله هو إسقاط القوى الإسلامية فى الإنتخابات و بعد الانتخابات تنضم كل جماعة إلى حيث مأواها فيأوى اليمين إلى يمينه و يعود اليسار إلى يساره .... الخ فإذا ما بدأ العمل و بناء الدولة ظهرت خلافاتهم مجددا و هى خلافات غير مستحدثة ولا مفترى عليهم فيها و لكنها اختلافات أساسية و جوهرية وفق معتقد كل منهم و مذهبه السياسى و لكى يستقيم الأمر لابد أن تؤول الأمور إلى فرقة منهم حتى تنفذ فكرها و تطبق ما تؤمن به من نظريات و خلافه و لأن هذا مستحيل نظريا و عمليا إذ أن ذلك سيتطلب حصولها على كتلة تصويتية معينة تمكنها من املاء كلمتها على الجماعات الأخرى ...
و على الرغم من هذا الغموض تجد الإعلام يروج لهذا الجمع غير الطبيعى و غير المفهوم و يسمه بأسمى الوصف فتارة تجمع وطنى و تارة الإنقاذ الوطنى ..... الخ ولا يسلط الضوء أبدا على عدم منطقية هذا التوحد وفق ما تؤمن به كل فرقة منهم من معتقدرات و نظريات و آليات تنفيذ و يغض البصر تماما عن ماذا لو حاز هذا التجمع المهزوم بإذن الله على بغيته و تشكلت منهم غالبية المجلس القادم فكيف سيكون التوافق و العمل المشترك و كيف سينسى الجميع ما يؤمن به فجأة و إذا حدث هذا فهل يجوز أن ينتخب فلان مثلا على أساس من فكره اليسارى ثم نجده فجأة صار يمينيا أو اشتراكيا بعد نجاحه بزعم أن هذا لدواعى التوافق و مصلحة الدولة العليا ، ثم و إن كان تحول الفكر يتم هكذا بكل هذه السهولة فلماذا لا يؤمن التعيس بالفكر الإسلامى و يحول وجهته اليسارية أو اليمينية أو الإشتراكية إلى الوجهة الإسلامية ..
لماذا لا يتحدث الإعلام عن كل هذا و لماذا يعمل جاهدا على تجميل تجمع لا يستقيم أبدا و كل نظريات و قواعد السياسة ؟
الإجابة المنطقية الوحيدة هى أن الإعلام مثلهم يعمل هو الآخر بكل جهده على إسقاط القوى الإسلامية و محاربة الفكر الإسلامى ، و ما يفجر الضحك هنا و يدعوك للتقيؤ فى نفس الوقت أنك تجد من يتحدث عن أخونة الإعلام !! ، إن شر البلية ما يضحك فعلا !!!
هم يدعون أنهم يحاربون أخونة الدولة و يريدون فى نفس الوقت بردعتها أو صبحنتها كما كانوا يريدون من قبل شفشقتها !!!
و إن كان الأمر كذلك فأيهما أكثر نفعا لمصر أخونتها أو بردعتها أو صبحنتها ؟
و إن كان كلاهما مر فلماذا يحاربون أخونتها و يريدون بردعتها أو صبحنتها ؟
و إن كان أخونتها حراما فهل أحل الله بردعتها أو صبحنتها ؟
هل يرضى أى غيور على بلده أن ينفر صباحى المستثمرين الأمريكين من الإستثمار فى مصر لعدم الإستقرار و لأن الإخوان اشتروا أصوات الناخبين بالزيت و السكر ؟ !!!
رجال جاءوا للاستثمار فى مصر فننهاهم عن ذلك لأن مصر إخوانية ؟!
فهل إذا صارت مصر اشتراكية مثلا يقوم الإسلاميون بنهى المستثمرين عن العمل فى مصر بدعوى أنها اشتراكية ؟!
أهكذا هو حب مصر عند صباحى ؟ إن كان هو فى سدة الحكم فأهلا بالعمل و الكد و إن كان خارجه فهى الأكاذيب و الشائعات ؟!
ثم من هو هذا البرادعى الذى يروج له و يتعامل معه فى الفضائيات النتنة على أنه بطل قومى
؟ أقسم بالله أن مشهد تقبيله ( لأنجلينا جولى ) فقط كفيل بإسقاطه عند كل غيور و أقول غيور فقط ، أيرضى أى عاقل أن يكون مرتاد بار نيويورك رئيسا لمصر ؟ !!!
لماذا لم يسأل أحد نفسه عن نقطة التقاء واحدة يمكن أن تجمع البرادعى بصباحى فيتحالفا
لماذا يصنع منهما الإعلام بطلين زورا و بهتانا ؟
لماذا كان الشيخ ونيس مجرما فى نظر هذا الإعلام عندما ضبط يقبل فتاة و يحتضنها فى مكان حسبه آمنا شاغرا من المارة و الناس فى الوقت الذى فيه البرادعى قبل أنجلينا أمام كل الدنيا يروج له كبطل و رجل قوميا ؟! و ياليت حتى التخفى بالمعصية تساوى و المجاهرة بها بل إن المجاهرة بها مرت مرور الكرام و بردا و سلاما على العاصى فى حين نال من المتخفى ما نال !!!
إنهم ساء ما يحكمون !!!!!

بقلمى