شارك فى ثورة 25 يناير 2011 ملايين البشر من شعب مصر و اختلفت اسباب المشاركة بين هذا و ذاك و من هذه النقطة يمكن تقسيم المتظاهرين إلى عدة فئات .. فئة شاركت لإحساسها بالظلم اقتصاديا كان أو اجتماعيا و فئة شاركت من قبيل النخوة و المشاركة فى حماية المتظاهرين و فئة شاركت بحثا عن مستقبل أفضل .... الخ
كل هذه الفئات هى فئات غير منظمة و سيكون تحركها فى الشارع موجها من دون أن تشعر و سيكون بقاءها فى مكان ما مقصودا من دون أن تشعر أيضا و سيقوم بذلك فئة منظمة متواصلة و مدعومة .. و هذه الفئة تريد أيضا التخلص من نظام مبارك غير أنها تريد الحكم أيضا أو على الأقل تروج لحكم شخص تدعمه ذات الجهة أو الجهات التى تدعم تلك الفئة ..
البداية ستكون بدعوة هذه الفئة الشعب الى النزول الى الشارع و فى نفس الوقت تقوم الجهة الداعمة بنشر هذه الدعوة و تسليط مجموعة من الأضواء عليها حتى يمكنها حشد اكبر قدر ممكن من الناس و ذلك بالطبع من خلال وسائل الإعلام و فى الوقت نفسه تكون وسائل الإعلام هذه لديها معلومات عن الداعيين لتلك التظاهرات بحيث تفتح لهم الميكروفونات فور اتصالهم و تقوم بإبراز و تكرار تصريحاتهم ..
هذه الفئة لابد أن يكون لها خطاب معين بحيث تتمكن من الحشد و على وسائل الاعلام ان تصحح صياغة اى خطأ فى التصريحات يصدر من تلك الفئة و عليها أن تصبغه بصبغات تلهب الحماس و تساهم فى الحشد ..
و لعل ذلك يفسر كيف عرفت وسائل الإعلام أشخاصا بعينها من بين كل تلك الملايين المتواجدة بالشارع و تركت اسماءها فى ( الكنترول ) بحيث كلما اتصل هؤلاء الاشخاص بهذه الوسيلة الاعلامية تتاح لهم الفرصة فورا و أيضا يمكن الاتصال بهؤلاء الاشخاص فى اى وقت للترويج لخبر ما ..
و من ذلك يمكننى القول بأن ليس كل من تواجد بالتحرير حينئذ من النبلاء و الشرفاء و لكن كان من بينهم من هو خسيس و عميل ..
و مضى قطار الثورة و تخلى مبارك عن الحكم و سلم اختصاصاته للمجلس العسكرى و انطلقت الملايين فى كل محافظات مصر تحتفل بإنجازها ..
نفترض هنا – من سبيل تسهيل الحسابات ليس اكثر – أن 100% من الشعب شارك فى الثورة و من ثم فقد غادر 99% منهم كل الميادين التى كانوا متواجدين فيها و بقى 1% يشعرون بالذهول ولا يدرون ماهية الخطوة القادمة حيث تسلم المجلس العسكرى الحكم بالفعل و خرجوا هم بدون أن يمسكوا بزمام القيادة و الحكم و من ثم قرروا التواجد الدائم فى ميدان التحرير و محاولة حشد الناس مرة أخرى ..
اختلفت مظاهر الحشد فى تلك المرحلة و كلها كانت محاولات يائسة لتجميع الأعداد التى كانت فى التحرير و الميادين الاخرى و انصرفت بعد ترك مبارك للحكم فى ايدى العسكرى فتارة يروجون لمليونية للاحتفال بمرور شهر على الثورة و تارة لمطالبات كان من اهمها على الاطلاق دم الشهيد و حق المصابين و لم يفلحوا فى الحشد كما كانت الصورة من قبل و ان نجحوا فى تحقيق العديد من المطالبات ..
كان اللعب على نغمة دم الشهيد و الضغط على هذا الوتر بشدة احد أسباب عزوف الناس عن المشاركة فى هذه التمثيلية الدنيئة إذ أن الناس لم تعرف مثلا أن أهالى شهداء حرب 6 أكتوبر خرجوا فى تظاهرات و اعتصامات للمطالبة بحق ابناءهم الشهداء أو المصابين و لم يفعل أهالى شهداء المسلمين فى اى غزوة أو موقعة سابقة هذه الفعلة الرخيصة و من ثم خذل الناس الفئة التى كنا نتحدث عنها من قبل ووسائل الإعلام التى تساندهم بقوة خذلانا بينا ..
و لعل مشهد التظاهر بالنعوش و السير بها فى بعض الطرقات فى محاولة يائسة للحشد كان مثيرا و ملفتا للانتباه و قبله كان الترويج لهذا اليوم بتوزيع الاف المطبوعات على الناس فى الطرقات لحثهم على المشاركة و لكن باءت كل هذه المحاولات بالفشل الذريع ..
فى تلك الأثناء تداول الاعلام اسماء و روج لها كثيرا مثل كلمة الثوار و كلمة ايدولوجية و كلمة مدنية و كلمة ليبرالية ..
نعود ثانية لنذكر بما بدأناه , كل هذه المحاولات للحشد كان رغبة من تلك الفئة أن تحكم أو تولى هى بنفسها من يحكم و كنت اقول ان تلك الفئة هى فئة مدعومة و أن من تروج له تلك الفئة ليكون حاكما مدعوم أيضا ..
و معلوم أن تلك الأحداث لابد أن يكون لها أيقونات تجذب الناس و رموزا يلتف الناس حولها و من ثم ينبغى توفير الأيقونات و تقديم الرموز بشكل جيد و مؤثر فى الإعلام و كذلك ينبغى عمل دراسات و مواقف حقيقية بحيث يمكن من خلالها معرفة مدى تأثير ذلك على الشعب و قدرته على حشدهم
من هذه المواقف دعوات 6 ابريل لعصيان مدنى يوم 6 ابريل فى سنوات سابقة و دعوات حركة كفاية لتنظيم احتجاجات معينة ثم دعوات حركة كلنا خالد سعيد للتظاهر كلما سنحت الفرصة ثم استغلال ثورة تونس و ثورة أهل السويس ثم النزول يوم 25 يناير و لك ان تلاحظ عزيزى القارئ أن ورقة خالد سعيد لم يلعب بها الا بعد رحيل مبارك اذ اننا لم نردد اسمه فى ميادين مصر او نرى صورة له اعتبارا من 25 يناير و حتى يوم رحيل مبارك بما يشير أن لكل ايقونة أوان ..
على اى حال لم يفلح المتآمرون فى تمرير فكرة الدستور أولا و كانت نتيجة الاستفتاء صادمة لهم و لكل وسائل الاعلام الداعمة لهم فكان البديل هو طلب تأجيل الانتخابات من خلال الترويج بعدم الجهازية و عدم وجود وقت كاف للاستعداد و التواصل مع الجماهير و هنا يبرز تساؤلا منطقيا
و من منطلق علمنا يقينا أن هذه الفترة غير كافية أصلا لأى حزب لكى يتواصل مع الجماهير و تعرفه الناس و تؤمن بأهدافه و مبادئه اذن فما الهدف من طلب تأجيل الانتخابات لشهرين او لثلاثة أشهر أو حتى سنة و كلنا يعرف أن حزبين مثل الوفد و التجمع مثلا ليس لهما شعبية معتبرة فى الشارع المصرى رغم مرور سنوات و سنوات على تأسيسهما فكم ياترى الوقت اللازم لأحزاب وليدة أن يكون لها أرضية و ثقل فى الشارع المصرى و من ثم فحتما و مؤكدا أن طلب تأجيل الانتخابات لهذه المدة الزمنية القصيرة لابد و أن يكون له مغزى اخر غير اكذوبة الفرصة للتواصل مع الجماهير و تعريف الناس بالأحزاب الجديدة فما مغزى هذا الطلب ؟
من وجهة نظرى هذا الطلب كان لاستكمال العمل الذى بدأ للتو مع نتيجة الاستفتاء الصادمة لهم و علمهم ان التيارات الاسلامية اجتذبت 77% من الأصوات لذلك فقد بدأت محاولات تفتيت هذه النسبة و ضمها الى رصيدهم بحيث لا يحصل الاسلاميون على أغلبية فى البرلمان و من ثم تكون القيادة لهم و الدفة طوع يمينهم و انهالت الطعنات بالفعل على التيار الاسلامى بعد نتيجة الاستفتاء تحقيقا لهذا الغرض و بدأنا نسمع بعد ذلك الاستفتاء مباشرة عن قطع الأذن و هدم الأضرحة و سلط الاعلام الضوء على تلك الاحداث بشدة و طرق عليها بعنف و قال فيها و عنها ما قال
اذن كانت هذه طريقة لتفتيت الـ 77 % و فى نفس الوقت كان يتم اللعب على وتر الفتنة الطائفية بشدة لزعزعة استقرار البلاد و معها على التوازى اثارة الوقفات و الاعتصامات و الاحتجاجات داخل التجمعات العمالية و بعض القرى و النجوع كذلك محاولة فصل المجلس العسكرى عن الجيش
و الطعن فى شيوخ المسلمين و علماءهم و كان ذلك يتم بكل جد و عزيمة لا تفتر و نجاح احداها يؤدى قطعا الى تحقيق غايتهم المنشودة فى حكم البلاد ولا ننسى بالطبع محاولة اثارة الرأى العام مرارا و تكرارا للنزول الجماعى و المشاركة فى التظاهرات التى لم تتوقف مطلقا بعد رحيل مبارك و الى يومنا هذا حتى انهم ابتكروا خيما رمضانية فى ميدان التحرير حتى تظل قلوب الناس عالقة به لحين تحقيق مأربهم ..
اذن جرت محاولات استجداء الناس و استعطافهم و الالتفاف على عقولهم و محاولة تحريضهم على قدم و ساق لدرجة اتهامهم فى رجولتهم و شرفهم من خلال الصورة التى تعرت فيها احدى المتظاهرات على ايدى رجال الجيش المصرى و تسمية التظاهرة القادمة باسم جمعة رد الشرف لعل ذلك يحدث اثرا و ينزل الناس و ينجح الحشد هذه المرة و تناسوا ان الرجولة و المروءة و الشهامة لا تطلب ولا تحتاج لإعلام مأجور ولا لأكاذيب مفضوحة فالفتاة نزلت من بيتها فجرا فى مشهد لا يقبله رجل أصلا لزوجته او ابنته او اخته او حتى جارة له فمابالنا و قد نزلت هذه الفتاة من بيتها فجرا فى الوقت الذى تصرح فيه هى و زملاءها ليل نهار بغياب الأمن و انتشار البلطجية فأنى لها الخروج فى هذا الوقت ثم ماهذا الذى ترتديه فى وقت شديد البرد ؟؟ عباءة ليس تحتها ثمة ملابس ؟؟ ثم كيف استثارت الجنود لينقضوا عليها بتلك الوسيلة و ما ان يمسك بها احدهم حتى تنفلق العباءة و تلتقط الصورة ؟ لقد سمعت بنفسى فتيات تقذفن الجنود بأفظع و أقذر انواع السباب ولا يرد الجندى تلك البذاءات و يدير وجهه فياترى ماذا فعلت تلك الفتاة لكى يهجم عليها و هل كانت تعد لهم فخا فتنفلق العباءة و تلتقط الصورة ؟ ثم لماذا تركها الجنود و لم يقبضوا عليها مثلا و لماذا كان ينادى جنديا زميلا لها ليأتى ليأخذها بعيدا ؟
على اى حال و بدون اى مقدمات رأينا كل الذين يتسائلون عن البكينى و المايوهات و السياحة الشاطئية يتحولون الى رجال يغارون على امرأة تعرت و يستنفرون شهامة و رجولة الشعب و رأى الشعب انصاف الرجال تنادى بحق الشرف و الرجولة فانفض عنهم و تفهم حقيقة المكيدة الدنيئة و الفخ المسموم الذى ينصب للجيش و لمصر كلها ...
لى عودة
تحياتى ...