أسطورة الزيت و السكر و إخوان مصر ..
كنا نسمع و نحن صغار عن أساطير من نوع ( أمنا الغولة ) و ( أبو رجل مسلوخة ) و ( النداهة ) و ( عروسة البحر ) و غيرها ، و قد كانت تلك الأساطير منطقية فى زمن اللاتواصل المعلوماتى إذ لم تكن وسائل الإعلام المرئية و المقروءة و المسموعة متاحة و لو حتى بربع قدر ما هى متاحة به الآن ، كذلك لم تكن هناك هواتف نقالة ولا شبكة معلومات ناهيك عن ندرة الهواتف الأرضية و من ثم اكتسبت تلك الأساطير مصداقية فى زمن ساد فيه الجهل و ترأس الظلام دورة الأيام حينها . و مضى قطار الزمان و حدثت طفرة معلوماتية هائلة و تطورت وسائل الإتصال و باتت سهلة المنال حتى أنها لتكاد أن تكون متاحة للجميع ، غير أن ذلك لم يمنع البتة الأساطير من التداول و استيطان عقول فئات من الناس .
و من هذه الأساطير برزت أسطورة الزيت و السكر فاستهوت بعض العقول و أخذت تلوكها الألسنة و تقذف بها فى آذان الناس علها تجد موطنا فى عقولهم و قلوبهم .
و تدور هذه الأسطورة - بحسب ما يحكى – عن قيام الإخوان المسلمين فى مصر بشراء أصوات الناخبين مقابل عبوة من الزيت و كيس من السكر لكل ناخب و بهذا العرض الثمين و المنحة النادرة استطاع إخوان مصر أن يحصدوا 48 % من مقاعد مجلس الشعب و أكثر منها فى مجلس الشورى ثم كانت الجائزة الكبرى بحصول مرشحهم فى انتخابات الرئاسة ( محمد مرسى ) على نحو يزيد عن خمسة ملايين صوت تصدر بهم قائمة المرشحين فى تلك الإنتخابات و دخل فى جولة إعادة مع المرشح الحائز على المركز الثانى و من ثم يمكننا القول بحسب الأسطورة أن للزيت و السكر شأن عظيم و فيهما ضمانة للسيطرة و الإستحواذ .
و فى الحقيقة فإن المرشحين لعضوية مجلسى الشعب و الشورى فى العهود السابقة كانوا ينفقون أموالا طائلة للحصول على المقعد ناهيك عن الجهد الخارق و المشقة ليل نهار فى سبيل تلك الغاية و المأرب ، غير أننا نقف حائرين فى هذه الأيام و نحن نرى تلك الرجالات بما يملكون من ثروات لا حصر لها و فضائيات و دعايات شتى عاجزون عن تدبير عبوات الزيت و السكر ما يمكن به حصد الأصوات و كبح سطوة سكر الإخوان و زيتهم .
إن كل وسائل الإعلام لم تتوقف قط عن مهاجمة الإسلاميين و النيل منهم و نثر الشائعات و الأكاذيب حولهم من بعد صدمة استفتاء مارس 2011 حتى موعد انتخابات الرئاسة فنالت كل طائفة منهم قسطها و نال الإخوان ما نالوا من تلك المهاجمات و الإفتراءات و ما يعرفه الجميع ، و كنا نطالع وسائل الإعلام فلا نرى إلا ذلك الهجوم و تلك الإفتراءات بلا هوادة ، غير أن سحر الزيت و السكر كان أشد قوة و أكثر تأثيرا فحصد الإخوان ما حصدوا و ظفر الإسلاميون ما ظفروا و انهزمت الحملة الإعلامية المسعورة أما صمود سكر الإخوان و زيتهم و تأثيرهما الطاغى ، و الأنكى من كل ذلك أن الإخوان حصدوا أصوات المصريين فى الكثير من دول العالم أيضا ثم كانت المعجزة الكبرى أن اختارهم الأطباء و المهندسين و العلميين و الأساتذة الجامعيين و المعلمين و الزراعيين ليمثلوهم فى النقابات المختلفة فضلا عن العديد من النقابات الأخرى فأى زيت و أى سكر هذا الذى قهر كل تلك الحملات و استحوذ على عقول الناس و حدد مصائرهم ؟!
و لماذا لم يقدم أى حزب أو جماعة أو طائفة أو فئة يعرف الجميع امتلاكهم للمليارات على نفس هذا الأسلوب السحرى أم أن الزيت و السكر حكر على الإخوان دون غيرهم من البشر سيما و أنهما معروفين للقاصى و الدانى و حكى الإعلام فى شأنهما الحكايات و خاض عنهما حتى الثمالة أم تراهما مسحورين فلا تجرؤ فئة أخرى على استخدامهما لنفس الغرض ؟!!
هو أمر مدهش فعلا فحزب مثل الوفد ملأ الفضائيات دعاية و إعلانا و أنفق الملايين على هذا و هو يعلم تماما بأمر الزيت و السكر و لو اختصر المسافات و أنفق تلك الملايين على الزيت و السكر لكان أجدى و أكثر نفعا !!
و حزب مثل المصريين الأحرار و قد تبوأ صاحبه قائمة أثرياء مصر – على الأقل – و يمتلك العديد من الجرائد و القنوات الفضائية و أنفق على الحملة الإنتخابية لمن يدعم من المرشحين ما أنفق يعز عليه هو الآخر أن ينفق ربع تلك الأموال على الزيت و السكر ذلك الساحران ذوى القوة الخفية و التأثير الأعظم و المفعول النافذ !!
و تلك الأباطرة من الرجالات القديمة تفشل هى الأخرى فى استخدام ذات السلاح و هى تعلمه علم اليقين !!
ثم أننى فى حقيقة الأمر كنت أدعى التعجب و امتطى صهوة الإندهاش فزمن يسجد فيه الناس لبقرة و يتبوأ فيه لاعبو الكرة و الفنانون الدرجات العلى فى السلم الاجتماعى و يروج فيه لأقوال المارقون و الحثالة فى وسائل الإعلام المختلفة لا يستغرب فيه مطلقا ان تجد أسطورة زيت الإخوان و سكرهم طريقا لبعض العقول و مأوى فى بعض النفوس !!
ثم أننى أرانى منجذبا نحو تساؤل يلح فى ذهنى و يؤرق مضجعى
متى أرى أحزاب مصر الأخرى و رجالاتها و قد أفاقت من سكرتها فاستخدمت هى الأخرى الزيت و السكر أم أنها غفوة المحتضر و غفلة سرمدية عن ذلك السلاح المعلوم أمره و المعروف سطوته و حجم تأثيره و المتاح للجميع بغير استثناء ولا استبعاد !!!!!
بقلمى